بعثتي تسألين يا سوريا الغالية ألا أخبركم
تسألين عنهم .. تسألين عن الفرسان..وقد رحلوا عنك .. وطال الرحيل .. وغدا ذكرهم في قلبك الكبير حنينا وآلاما ليست تفارقه .وصفهم منحوت في ذاكرتك الأمينة .. لأنها ذاكرة الوطن ولأنها تتحدى لصوص التاريخ .. أطيافهم تحوم حول سمائك وأرضك .. وديانها وسهولها.. جبالها وتلالها.. مزارع البرتقال فيها ، وبساتين الأزهار ، وأشجار الزيتون ، وجذوع اللوز..وشواطئها الزرقاء ورمالها الذهبية .. مآذنها ومحاريبها .. حلقات وكتاتيب القرآن خطى أقدامهم منثورة في شوارع حلب وحماة وحمص وباباعمرو.. مرسومة في
أزقتها وأحيائها في بواديها وقراها..
ياسوريا الغالية..ستبقى أسماؤهم منقوشة على قلوبنا التي تتمزقورغم أنف بشار.. ورغم أنف كل كافر خوان ..سيبقى الفارس .بعثتي تسألين ياسوريا الغالية عن الفرسان الأربعة .. بعثتي تسألين عن (محمد) و(فوزي) و(حمزة) و(فتحي) تسألين عن بيوتهم ومأواهم .. تسألين عنهم إذا انفلق الصباح وتتفقدين مأواهم إذا أقبل المساء.. تسألين يا غالية .. هل لهم من لقيمات يقمن أصلابهم .. أو شربة ماء تروي ظمأهم .. أو كسوة تستر جلدهم أو دثار يقيهم برد الشتاء ..تسألين يا غالية .. هل لهم من قلب حنون .. يشاطرهم الحمل الثقيل جراح أمة .. وواقع مرير .. رصاص ودموع وأبرياء ..ومسامع قد ألفت صوت النحيب .. وأيد مضرجة بالدماء ، مشرعة الأكف إلى رب السماء .. ونفوس تجأر إلى باريها تشكو بطش الطغاة ..إيه يا غالية لو تعلمين .. لو تدرين .. كم بكى الفرسان الأربعة ، على حال أمتنا .. وكم أرق عيونهم سهاد .. وكم غبر أقدامهم جهاد .. وكم رسم الحزن على وجوههم خارطة الإسلام .. وكم حكى عنهم الرصاص خوارق الشجعان ياتسألين عن
عن أبنائك الذين فارقوا الأهل والأحباب .. والرفاق والخلان .. غادروا الأرض وتواروا عن الديار كلهم مهاجر في الله .. يصرخون الله أكبر .. يوقظون الغافلين .. يهتفون لعل أصواتهم تلامس شعور النائمين إن أبناءك قد كفروا بإسلام الجغرافيا .. وتلمود وزارات التجهيل.. ولعنوا أمر يكا وأوروبا وأحفاد القردة والخنازير وكسروا قيود نظامهم .. وأداروا ظهورهم لأطلسهم ، وأساطيلهم ولا شئ كان يضحكهم ، كزمجرة مجلس رعبهم ..أصولية .. تطرف .. إرهاب..أما إذا ذكر بطرس فقالوا
والضحك يوزع جسمه على ثغورهم ..ذاك الشقي كلبهم ..فهل تراك تجهلين حال أمثالهم يا غالية..
.. تسألين عن أبنائك الذين صاروا (أبا الموت).. فصارت أسماؤهم تولد الأسماء ..ففي كل بلد لهم اسم .. وفي كل بقعة لهم اسم .. وفي كل وثيقة لهم اسم ...لأنهم مطلوبون وحقهم مسلوب .. ودماءهم مهدرة .. وأعراضهم مستباحة .. جريمتهم أنهم أعلنوا التوحيد ، في زمن تقمص منزلة الإله فيها عبيد
. إن تسألي عن أبنائك فسلي عنهم ..دروب المسافرين .. وقوافل المهاجرين ومساء المطاردين ..سلي عنهم ليل الغرباء .. ودموع الأمهات .. ولوعة الفراق ..سلي عنهم ..ملاحم جهاد أفغانستان ..قمم الجبال ..وصمت الغابات .. ثلج الشتاء ..ونشاط.
المعسكرات ..حياة الخيام .. وخبز الفقراء .. وعزف الرصاص ..وأغنية الموت يعزفها ألف ألف شيطان ..تداعوا على قصعة الإسلام .. أعاجم وأعراب .. من كل حدب ينسلون ..ينثرون الدمار والخراب في الديار .. يوزعون الآلام والأحزان .. أقدامهم تدوس على براعم الأزهار وألواح القرآن ألحانهم تنبعث من فوهات الرشاشات وقذائف الطائرات وثرثرة المدافع ورقص الراجمات .. فيا غالية أبناؤك .. باعوا الحياة .. واشتروا رياض الجنات .. فأنى تلين لهم قناة .. أبناؤك فرسان ، شعارهم (يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ) ..يا غالية ..سلي عنهم .. صبر الرجال .. وثبات الأبطال وصولة الفرسان ..ورغم أنف كل ظالم لكي تخلي عنك في كربتك
.. بعثتي تستعجلين الجواب .. وقد أط الفؤاد من شوق اللقاء ..فتشتت في دفاتري .. وقلبت أوراقي .. وهزهزت جسم القلم .. غصت في أعماق ذاكرتي .. وعبثا أجهدت مخيلتي ...فعلت كل شئ ..كدت أستنطق القمر .. والشجر .. والحجر ..فلا كلمات عندي ولا بياض أخط عليه سوادا .. ولا مداد أكتب به جوابا ...يا غالية ، سؤالك عنهم ملغم ..دموع وأحزان وشجون ..وعاقبة خير.. وفوز عظيم .. وسبحان الذي قال وقوله الحق المبين ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
يا غالية ..
على أرض سوريا كان الميعاد ..لقد سالت الدماء .. وفاضت الأرواح .. وبدأت تدب في أمتنا الحياة .. وألف مليون يرددون
منقول.
