في ظل الشجرة
جلس يستظل في أحضانها , وراحت نسمات الهواء العليل تداعب جسده المنهك بعد يوم مسير طويل تحت أشِعَّة الشمس الحارقة ,لم تكن مسيرة عادية لا, بل كانت مطاردة اعتادها , اعتاد الهرب الى الجبال والإختباء بأحضان تلك الشجرة التي لم تبخل عليه بالظل وبجانبها تينة كانت تسد جوعه وتعوضه بالطاقة .
لم يطل الأمر ,لم تستمر طويلا تلك اللعبة إنها لعبة "الهرب والإختباء" ولكن ليست كتلك التي يلعبها أطفال العالم ,لا لم تكن لعبة مع صديق أو أخ بريء ,بل ليتها كانت كذلك ! , كانت لعبة مع مجموعة محترفة ,إحترفت الإجرام وليس اللعب.....وجاء ذلك اليوم , يوم حار مغبر مظلم ,شَعرتْ أن هناك ما سيحدث والأرض أخبرتها بقدومه , شَعرتْ بنبضات قلبه الصغير تتضارب كأنها طبول الحرب تُقرع ....إنها تقترب ... يتعالى الصوت شيئاً فشيئاً , مهلاً زيتونة القدس , استدركتها الأرض ثم أضافت : أسمع وقع الأقدام الهمجية تـقـترب منا وتكاد تكون أكثر قرباً منه .
فهمست وقد إمتلأت أملاً : لا ,هذا يحدث دائما سيفلت من قبضتهم ,لن يتمكنوا منه وستطعمه أشجار التين وأعانِقُه وأظلُّه في ظلي وأبعث بالهواء النقي حوله .....لازلت احمل الأمل في تجاعيدي, لازلت وسأظل أبعث الأمل في الأرض و الشعب...لقد شربت رحيقهم الدافئ ,لأصنع منه زيتاً يبعث الشجاعة في كل جيل , وها انا ذا أسرد قصة محمد الذي رفض طفولة تخلو من الكرامة والحرية ,وهو يصنعها رغم أنف الإحتلال ,رغم صمت أمة العروبة التي نسب اليها .
احتضنته بين يدي ذاك اليوم ,يوم بعث بدمه الثائر ليسقيني شجاعة إنبعثت من الشرايين ونبض القلب نبضته الأخيرة بصرخة أنا قلب طفل فلسطيني ! .